بالنسبة للبلدان التي تكافح لتحسين حالتها الصحية، يعتبر فهم العوامل التي تسمح لليابانيين بالعيش فترة أطول مفيداً لسياسات الصحة العامة. وتعتبر اليابان واحدة من البلدان التي لديها أعلى متوسط عمر عند الولادة في العالم (86.6 سنة عنج النساء، 79.6 سنة عند الرجال حسب إحصائيات 2013)، مما يجعل العديد من الباحثين يهتمون بهذا النمودج الفريد من نوعه.
أستاذة علم الأوبئة السرطانية في جامعة طوكيو، ومديرة المشروع في AXA قسم الصحة والأمن البشري، مانامي إينو، قامت بدراسة في محاولة لفهم كيفية ارتباط مجموعة من العوامل مع أمراض مستعصية مختلفة. باستخدام طريقة المقارنة وتقنيات التحليل الإحصائي، وقالت انهم يقومون بدراسة كيفية تطور هذه الأمراض في الشعب الياباني، من خلال عمر الأفراد والجنس والفئة الاجتماعية والمهنية.
وتابعت هذه الدراسة مجموعة تتكون من أكثر من 100،000 شخص من سكان اليابان طوال حياتهم لتحديد الروابط بين عوامل خطر معينة وظهور المرض مع تقدم العمر. وبدأت هذه الدراسة في التسعينات ورصدت الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 40-69 عاما. حيث يتم الاتصال بهم مرة في كل 5 إلى 10 سنوات لطرح الاسئلة عليهم و متابعتهم، ويتم فحصهم بشكل منتظم للكشف عن الأمراض الخطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، وغيرها من الأمراض.
بعض النتائج الرئيسية لهذه الدراسة تشير بأن التدخين من أهم أسباب الوفاة المبكر، إذ يزيد من نسبة خطر الوفاة المبكر بـ 1.5 مرة لدى المدخنين بالمقارنة مع غير المدخنين.
ووجد الباحثون أيضا أن نسبة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عند اليابانيين الذين يستهلكون الكحول هو أكثر من نظرائهم الغربيين، و السبب يرجع لإفتقار حوالي 50٪ من سكان اليابان إلى إنزيم يُأَيض الاسيتالديهيد. من جهة أخرى اكتشفوا أن الاستهلاك المنتظم للشاي الأخضر، وإلى حد ما القهوة يقلل من خطر الموت بسبب مرض خطير، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
ويبدو حسب الدراسة أن للعوامل الوراثية تأثيراً محدوداً على متوسط العمر المتوقع, وأن نمط الحياة له أهمية كبرى. فعلى سبيل المثال، النساء اليابانيات يعشن أطول بفضل نمط حياتهن الصحي، ويرجع ذلك لإتباع نظام غذائي جيد، وخاصة بين النساء الأكثر من 50 عاما. كما تستهلك اليابانيات في المتوسط كمية أقل من اللحوم والذهون الحيوانية مقارنة مع المتوسط عند الغربيين، ويتناولن كمية أكبر من الأسماك. وأيضا، فإن النساء اليابانيات الأكثر من 50 عاما يشربن الكحول أقل بكثير من نظرائهن من الرجال، وتقريبا نسبة التدخين لديهن منعدمة، وهو ما يعني أنهم مرتين أقل عرضة لأمراض المعدة وسرطان الكبد مقارنة مع الرجال. كما يقلل عدم استهلاك الكحول من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي.
وبشكل عام، فالدراسة كشفت أن حالات السرطان في اليابان هي أقل بكثير مما هو عليه في الدول الأوروبية، و أن السمنة تبقى ناذرة نسبيا. وهذا ينطبق بشكل خاص على الفئات العمرية الأصغر سنا، خصوصا بين النساء.
عذراً التعليقات مغلقة